قبل الكارثة .. حتى لا نبحث عن قطرة ماء !

كان الإسراف ولا يزال هو الخطأ المتعمد لإهدار موارد البشر ، و يعد هذا التصرف عبثاً من الفرد ، و دلالة على عدم حصافة عقله و فكره و قلة تأمله . و قبيح في المجتمعات أن ينتشر هذا الخلق ليُصبح ظاهرة تشين مبدأ الاقتصاد و التوسط في الحياة . وقد نهى الله ـ جلّ وعلا ـ عن الإسراف فقال : ( وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ ) الأعراف : 31 . وإن من صور الإسراف و التبذير التي نراها في وقتنا الراهن ، إسراف و تبذير موارد البشر في الحياة على كوكب الأرض . فمنذ زمن غير بعيد تجاوزت الدول الكبرى الصناعية الحد في الإنبعاثات الكيميائية ، مما سبب ظاهرة هددت الغلاف الذي يحيط بالأرض ، و سببت أزمة الانحباس الحراري ، الذي بدوره هدد بالكثير من المخاطر على حياة الكائنات في كوكب الأرض . الزيادة في ارتفاع درجة حرارة الأرض ، سبب من أسباب الإسراف الصناعي الذي تجاوز حده ، وهذا يهدد بقلة الأمطار ، مما يعني قلة و شحّ في احتياطي مخزون الماء للبشر و الكائنات الأخرى . ورغم تلك المخاطر الكبرى التي تهدد حياة البشر و الكائنات على الأرض ، فإننا نرى عدم مبالاة في صرف الماء بشكل يدعو للأسى . فهناك صور كثيرة نرى فيها التعمد لإهدار الماء بل و العبث به ، بلا وعي أو مسؤولية . من تلك الصور ، و التي تصدر من بعض الأفراد : - يُهدر الفرد ما يزيد على 4 جالون ماء عذب للاغتسال اليومي و الجالون يساوي ( 3.7 لتر ) وذلك خلال فترة اغتساله التي يتراوح زمنها ما بين 4 دقائق إلى 6 دقائق مستروحاً تحت رذاذ الماء و دفئه . - يُهدر الفرد حوالي جالون لعملية تنظيف الأسنان ، حيث يلاحظ على الكثير أنهم يتركون صنبور الماء مفتوحاً أثناء تنظيفه لأسنانه . - يُهدر المتوضئ حوالي 2 جالون ماء للوضوء . و على ذلك قسّ عمليات التنظيف اليومية من نظافة المطابخ إلى الري و غيره .. و قد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتوضأ بالمد و يغتسل بالصاع ، و قد حث على ذلك ، فأين نحن من هديه صلى الله عليه وسلم . و المفزع في عملية الإهدار و الإسراف هذه ، أننا على مشارف أزمة ماء ستواجه الأرض ، فعلى حسب دراسات أعدتها هيئة الارصاد الجوية البريطانية و انفردت بها الجارديان ( تقرير يعد ليقدم في جامعة أكسفورد البريطانية ) أن درجات حرارة الأرض قد ترتفع بمعدل 4 درجات مئوية في وقت اقرب مما كان يعتقد من قبل . وهذا يهدد إمدادات المياه لنصف سكان الكرة الأرضية ويقضي على نحو نصف أنواع الحيوانات والنباتات على الأرض ويغرق الشواطئ الواطئة. ويحذر العلماء من أن المناطق القطبية وغرب وجنوب القارة الإفريقية قد تشهد ارتفاعا في درجات الحرارة 10 درجات مئوية. أما يدعوا هذا إلى أن ننتهج منهج العدل و التوسط في صرف الماء ، و نقوم بعملية توعية لمن حولنا ، فلو تم ترشيد الصرف على مستوى الفرد في المجتمع ، و انتشر ذلك ، فلا شك أنه سيكون هناك قدر من الحدّ من هذا الإسراف ، و الشيء الذي لا نستطيع أن نقضي عليه ، نستطيع أن نحدّ منه . و الحد من الإسراف مطلب شرعي و عقلي و حضاري . ومن يتأمل ما سيواجه البشرية جراء أزمة الماء سيعرف جيداً كيف يقتصد في استعمال الماء و يُوقف عملية العبث . إن لم يكن ذلك من أجل البشرية ، فمن أجل نفسه ، لئلا يجد نفسه يوما ظامئاً يبحث عن مواقع القطر . و تأملوا معي ، مشهدنا ونحن نستسقي الرحمن طلباً للسقيا و نحن من يعبث بقطر السماء .. !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق