ضد التخلف..






قال لي شخص قبل أيام ليت أننا نعيش كما يعيش أجدادنا. على البغال والحمير يركبون، والثريد والخبز يأكلون، وفي طاهر الكلام يتسامرون. قلت له ولماذا تتمنى الرجوع للماضي؟ ألم تفكر يوماً بأن أجدادك يتمنون ربع ما أنت فيه من خير ورغد ورفاهية؟ الآن إن أردت السفر فلديك السيارة لتقطع المسافة التي يقطعها أجدادك بشهر تقطعها أنت بيوم أو أقل.لا أعلم كيف يفكر البعض فكل همهم الوقوف ضد التقدم فكل جديد خطره كبير وخيره قليل، وكل مالا يعرف يخاف منه. ولو تبصّر لوجد أنه نعمة ورحمة، فمن يصدق أنك تستطيع أن تتطمن على أهلك وهم على بعد ألف كيلوا متراً وأكثر في لحظات. ونعم كثيرة لو تمحصنا فيها لوجدناها رحمة.يقول أحدهم “نحن نحب الماضي لأنه ذهب، ولو عاد لكرهناه” وقد صدق والله فتخيل نفسك مسافراً على جمل لأداء فريضة الحج، فكم ستمضي من الوقت في السفر فقط؟ وهل ستطمئن لو سافرت لوحدك؟ بينما الآن فقبل الحج بيوم تجد الناس يسافرون وبكل راحة وطمأنينة.الخوف. نعم إنه الخوف فقط. يخافون من خطر قادم مجهول، ويلقون باللائمة على اقتراب الساعة، والرسول قد بين لنا أن الساعة قريبة منذ وقته، والله تعالى يقول (اقتربت الساعة). فلماذا الخوف إذاً؟ نستطيع أن نتجاوز ذلك بأن نستمتع بكل جديد على وجهه الصحيح، حتى وإن كان لم يوضع لوجهة صحيحة بالنسبة لنا كمجتمع.نلاحظ أن من لديهم تبصّر وبُعد نظر يستغلون كل جديد ويؤمنون بالتطور وأنه غير معارض للدين. ودائماً ما أذكر الشيخ عبدالرحمن بن سعدي رحمة الله عليه ومواقفه العظيمة في هذا. فمما يقال أنه أتاه رجل يقول ياشيخ كيف تتركون الناس يستخدمون مكبرات الصوت في المساجد وهذه بدعة ولاينبغي أن تكون في مجتمعنا، وكان الشخص المتحدث يلبس نظارة طبية، قال له الشيخ بكل هدوء لماذا تلبس النظارة؟ قال الرجل: لأن نظري ضعيف فهي تكبر لي الصورة. قال: إذاً مكبر الصوت يكبر الصوت مثلما النظارة تكبر الصورة ولا محظور في ذلك. ومن مواقفه رحمه الله تعالى، أنه سأله سائل يقول بأن الغرب يقولون أنهم وصلوا إلى القمر أو سيصلون إليه فكيف ذلك؟ قال الشيخ نعم قد يصلونه ويصح ذلك ألم تقرأ قول الله تعالى (يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات الأرض فانفذوا لاتنفذون إلا بلسطان).فعندما نتبصر قليلاً نعرف كيف نجعل الأمور من صالحنا، لا أن نثور ونقف بوجه التطور والتقدم بحجة الخوف من المستقبل. ولنا فيما سبق في مجتمعنا عبرة، فهذا الهاتف أول ماظهر وجد معارضة قوية ومثله الراديو والتلفاز والآن لاتجد أحداً يستغني عن ذلك. ونحن حديثوا عهد بكاميرا الجوال فلا زلت أذكر المعارضة القوية القائمة ضده والآن أكبر المعارضين له يستخدمونه. فهل نمنع عن مجتمعنا كل جديد؟ أم نطور المجتمع لكل جديد؟الإنسان بطبعه مجبول على حب الماضي واستذكار الايام الماضية والذكريات جميلة وأخذ العبرة والعظة مما مضى واجب، وقرائتنا للتاريخ للحذر من تكرار الخطأ جميل. ولكن أن نوقف الحاضر لنعيش في الماضي شيء مؤسف وحرمان للنفس من نعمة كبيرة، والحمد لله أن رزقنا هذه النعم (وأما بنعمة ربك فحدث).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق